صدر هذه السنة (2015) ضمن سلسلة منشورات مكتبة سلمى الثقافية بتطوان، عدد 56، كتاب "الذات المغتربة والبحث عن الخلاص: الشعر المغربي المعاصر أنموذجا" للدكتور علي العلوي. يتضمن هذا الكتاب مدخلا نظريا وأربعة فصول الغاية منها مقاربة موضوع الاغتراب في الشعر المغربي المعاصر من زوايا مختلفة تتمحور حول أشكال حضور الاغتراب الذاتي، وكذا المكاني، علاوة على كيفية تعاطي الشاعر المغربي المعاصر مع مشاعر الاغتراب لديه، وردود فعله تجاهها.
وأهم خلاصات الكتاب أن اغتراب الشاعر المغربي المعاصر كانت وراءه عوامل ذاتية وموضوعية؛ ذاتية تتعلق بحالته النفسية من حيث الانقباض والانبساط، وبتفاعله مع الظروف والأحداث التي تبرز داخل الوطن والأمة باستمرار؛ وموضوعية تتعلق بالواقع الذي يحيط به سواء أكان ذلك على المستوى الاجتماعي أم السياسي أم الثقافي أم الاقتصادي.
ولقد تفاوتت حدة الاغتراب سواء الذاتي أو المكاني من شاعر إلى آخر، وذلك تبعا لشخصية كل واحد على حدة، ولشكل تقبله للوضع الذي يعيش فيه إما سلبا، وإما إيجابا؛ فجميع الشعراء صوروا صمتهم عبر الكلمات، وصوروا بكاءهم، ونفيهم وتيههم على وجه هذه الأرض، وغير ذلك من التيمات والمحاور المثبتة في فصول هذا الكتاب، إلا أنهم اختلفوا في شكل هذا التصوير حينما أشركوا الطبيعة وغيرها في التعبير عما يختلجهم، مستحضرين ذواتهم المحترقة بلهيب الاغتراب.
هكذا اتخذ الصمت صورا عديدة لدى الشاعر المغربي المعاصر، تعكس مدى تفاعله مع ذاته من جهة، ومع ما يحيط به من جهة ثانية. أما البكاء، الذي شكل ثاني التيمات الثلاث التي تأسس عليها الاغتراب الذاتي، فهو حنين إلى مراحل مضت، وهو في الوقت نفسه أسف على واقع الحال؛ وهو أيضا بحث عن المواساة، وعن شكل من أشكال العزاء، وسعي إلى التخفيف عن الذات.
وأما فيما يتعلق بمحور النفي والتيه فقد تفاوتت مستويات تصوير ذلك في القصيدة المغربية، حيث إن كل شاعر جَسَّدَ حالة تيهه وضياعه وفق درجة تحمله للوقائع والأحداث من حوله، وكذا أشكال تقبله لما آلت إليه الأوضاع التي تتحول أمامه باستمرار.
أما فيما يتعلق بالاغتراب المكاني الذي يرى الدكتور علي العلوي أنه ينحصر بشكل جلي في المدينة، وبدرجة أقل داخل السجن، فيمكن استخلاص جملة من المواقف والتصورات التي ينطلق منها الشاعر المغربي المعاصر في تحديد موقعه من هذا النوع من الاغتراب، حيث إنه يرى أن المدينة لم تمنحه سوى الحزن والألم، ومع ذلك ظل يبحث عن وجهه فيها؛ أي ذاته، فلم يزدد إلا بعدا عنها واغترابا. ويرى أيضا أن السجن أسلوب من أساليب تكميم الأفواه، وكسر شوكة العزة في نفس الإنسان.
أما فيما يتعلق بالفصل الأخير المرتبط بملامح الرفض والتمرد، فظل الشاعر المغربي مسكونا بهاجس التغيير، والتصدي للجهات التي تسعى إلى استبقاء الوضع على ما هو عليه من فساد واستبداد. ومن ثم، ظلت الثورة، من حيث كونها انقلابا مستمرا للأحداث وتتابعا متسارعا لها، هي السبيل الأنجع لمعانقة الحرية، والتحليق عاليا في السماء، وبعث الحياة من جديد في شرايين الأمة التي غرقت في يم التخلف، وجثمت عليها أصناف مصنفة من الظلم والقهر.
وجدير بالذكر أن الدكتور علي العلوي باحث وشاعر مغربي نشر مقالات نقدية وقصائد شعرية في عشرات الجرائد والمجلات داخل المغرب وخارجه، وله إصدارات في النقد والشعر هي:
• في النقد:
- مفهوم الشعر عند ابن سينا، سلسلة كتب مجلة "المجلة العربية" السعودية، عدد 133، الرياض، 2008.
- الشعر العربي الحديث: من الاتباع إلى الابتداع، ط1، مطبوعات الهلال، وجدة، 2014. (صدرت نسخة رقمية من هذا الكتاب عن شركة الارتقاء المعرفي بالرياض سنة 2013)
- الأدب والأسطورة، منشورات ملتقى أدباء شرق المغرب، وجدة، 2014. (جماعي)
- نحو سوسيولوجيا نقدية للتربية والثقافة والتنمية، منشورات عالم التربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2015. (جماعي)
- الذات المغتربة والبحث عن الخلاص: الشعر المغربي المعاصر أنموذجا، سلسلة منشورات مكتبة سلمى الثقافية، عدد 56، تطوان، 2015.
• في الشعر:
- أول المنفى، مؤسسة النخلة للكتاب، وجدة، 2004.
- شاهدة على يدي، دار شمس للنشر والإعلام، القاهرة، 2008.
- موكب البهاء، تصميم وطبع ديجيتال غاردن، وجدة، 2014. (جماعي)